التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات
بيـــــــــــان
الأحد 10 أكتوبر 2004
إنّ الانتخابات احتكام لإرادة الشعب وتعبير عن سيادته
بالاختيار الحرّ إزاء ما تطرح عليه الأحزاب السياسية المتنافسة من توجهات وبرامج
وبدائل تتعلّق بحاضره ومستقبله على شتى مستويات حياته. ولن يتسنى ذلك إلاّ من خلال متابعة الشعب عن كثب لتصرف السلطة
و لمواقف المعارضة ومكوّنات المجتمع عبر وسائل الإعلام المختلفة مجالا لها، وخاصة
منها الوسائل السمعية والبصرية التي هي ملك للشعب.
وإن واقعنا السياسي في تونس ليناقض من الأساس هذا
المعنى الذي ينبغي أن تكتسيه انتخابات حقيقية، وذلك نتيجة استفراد الحزب الحاكم
بوسائل الإعلام الرسمية ونتيجة ما رسّخه في واقع الشعب من دولة متحزّبة.
لقد كان من المفروض أن يشكل موعد 2004 منعرجا
سياسيا تاريخيا لو لم تقدم السلطة على التلاعب بالدستور وتنظيم استفتاء صوري حوله في ماي 2002،
ولم يكن الهدف من وراء ذلك إلاّ فتح الباب مرّة أخرى أمام رئاسة مدى الحياة تفرغ
سيادة الشعب من كلّ مضمون، وإقصاء المعارضين الحقيقيين من المنافسة على منصب رئاسة
الجمهورية ومنح رئيس الدولة نفوذا مطلقا لا يخضعه لأية مساءلة أو مراقبة أو
محاسبة.
وهكذا فإنّ كلّ الدلائل تشير إلى أنّ الانتخابات
المبرمجة ليوم 24 أكتوبر 2004 لن تكون –
نتيجة إصرار السلطة على الاستفراد بالحكم وتماديها في الانغلاق –بكلّ المعايير
الديمقراطية انتخابات حقيقية، بل مجرّد مشهد مسرحيّ بديكور ديمقراطي؛ هذا في حين
تسعى السلطة بشتى الوسائل إلى إقناع الرأي العام في الداخل وفي الخارج بأنّ تونس
في مقدّمة الدول المبادرة بإصلاح نظامها السياسي وتكريس الديمقراطية.
وقد
سبق للتكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات في ندوة إطاراته يوم 25 جانفي
2004 أن أكّد مرّة أخرى على ضرورة توفّر الظروف التي من شأنها أن تضفي على
المنافسة الانتخابية حدّا أدنى من المصداقية،، ومن أهمّها :
-
تنقية المناخ العام باتخاذ التدابير
الكفيلة بذلك وفي مقدّمتها سنّ العفو التشريعي العام.
-
إحداث لجنة وطنية مستقلّة للسهر على
نزاهة العملية الانتخابية في كلّ مراحلها.
-
الفصل بين موعدي الانتخابات الرئاسية
والانتخابات التشريعية.
-
رفع القيود والوصاية على الإعلام نصا
وممارسة.
-
ضمان استقلال القضاء وحياد الإدارة.
إلاّ
أنّ السلطة لم تحرك ساكنا في هذا الاتجاه، بل تعدّدت – على عكس ذلك – المؤشرات
التي تؤكّد مواصلة التشدّد والانغلاق.
ولمزيد
الإيهام بأنّها تعمل على تنظيم انتخابات شفافة لا لبس فيها أعلنت السلطة على
التركيبة الجديدة للمجلس الدستوري، إلاّ أن أعضائه التسعة معيّنون بصفة مباشرة أو غير
مباشرة من طرف رئس الدولة، كما أعلنت السلطة في نفس التوجّه عن بعث مرصد لمتابعة
سير الانتخابات إلاّ أنّه هو الآخر متكوّن من شخصيات معروفة بولائها للسلطة.
إنّ
الانخراط في هذه العملية في هذه الظروف وهذه الأرضية السياسية لا نتيجة له سوى
إضفاء الشرعية على تحوير دستوري رفضته القوى الديمقراطية و إضفاء مسحة من
المصداقية على هذا الديكور الديمقراطي
الذي رسمت السلطة الحاكمة كل ملامحه.
وأمام
تواصل الانغلاق والهيمنة ممّا يجعل المنافسة لا تجري مع حزب حاكم بل مع دولة
متحزّبة.
وإزاء
يأس المواطن من أن يفرز صندوق الاقتراع إرادته،
وفي
غياب الآليات الضرورية التي تِؤمّن الانتخاب الحرّ وتضمن معاقبة من يقدم على التزييف.
فإنّ
مجلس الإطارات المنعقد يوم الأحد 10
أكتوبر 2004 قرر :
-
مقاطعة
الانتخابات الرئاسية والتشريعية ليوم 24 أكتوبر 2004 الفاقدة لأي معنى و جدوى.
-
التعبير عن تمسّك
الحزب والتزام مناضليه بالمبادئ السامية للفكر الجمهوري وإصرارهم على مواصلة
النضال من أجل فرضها على أرض الواقع وتجسيمها في الحياة السياسية في بلادنا.
-
دعوة الديمقراطيين
الصادقين إ- كيفما تفاعلوا مع هاته المحطة-إلى التفكير الجماعى و العمل
المشترك لمقاومة الإحباط و الاستقالة و
مواصلة النضال من أجل إصلاح النظام
السياسي للبلاد و مقاومة الفساد الذي ينخر جسمها و من أجل بناء البديل الديمقراطي
في إطار القطع الواضح مع نظام الدولة المتحزبة و الديكور التعددي.
الأمين
العام
مصطفى بن
جعفر